هوس تقنيات الشحن السريع ... هل كلما زاد الرقم كلما كان الأمر أفضل


كتب: خالد عاصم
يظن الكثير من المستخدمين أنه في عالم الهواتف الذكية، كلما كانت الأرقام أكبر كلما كان الأمر أفضل، وتنعكس تلك القاعدة على عدد من العناصر المكونة للهواتف الذكية مثل هوس رفع أرقام الميجا بيكسل للكاميرات أو دقة الصوت وبالطبع قوة وسرعة تقنيات الشحن السريع، ولكن هل هذه القاعدة دومًا صحيحة، وهل بالفعل كلما زاد رقم قوة الشحن السريع كلما كان الأمر أفضل؟
بالنسبة للشركات المطورة للهواتف الذكية، فإنها تريد دائمًا إقناعك بصحة تلك القاعدة أيًا ما كانت الظروف، ولهذا تروج بقوة وبتركيز شديد لهواتفها من خلال الحديث عن تقنيات الشحن فائقة السرعة، فكما لاحظ العديد من المتابعين لمؤتمر MWC 2022، كشفت العديد من الشركات عن تقنيات شحن سريعة جديدة فائقة السرعة في طور التجربة والتطوير، مثل تقنية الشحن السريع SuperVooc من Oppo والتي تبلغ قوتها 240 وات، وحتى الهواتف المتوفرة بالفعل في الأسواق تعتمد على تقنيات شحن سريعة للغاية مثل Xiaomi 12 Pro الذي يدعم قوة 120 وات، وهاتف Oppo Find X5 Pro ذو قوة 80 وات وHonor 50 Pro ذو قوة شحن 100 وات وغيرها.
هوس تقنيات الشحن السريع ... هل كلما زاد الرقم كلما كان الامر أفضل
ولكن هل ينطبق الأمر ذاته على المستهلك، وهل بالفعل كلما زادت سرعة تقنية الشحن السريع كلما كان الأمر أفضل؟ مبدئيًا، نتوقع أن يكون التسارع في تطوير تقنيات الشحن السريع ما هو إلا موضة كأي موضة تعصف بعالم الهواتف الذكية وستتوارى مع الوقت في الظلال دون التركيز عليها، ولكن وبغض النظر عن هذه النهاية المتوقعة، فهناك بعض الأسباب التي تجعلنا ننصحك بألا تنبهر كثيرًا بتقنيات الشحن فائقة السرعة، وفيما يلي سنتعرف على تلك الأسباب.
سرعات الشحن العالية ليست مستقرة وثابتة
تقاس تقنيات الشحن السريع بالوات، وهو مقياس غير دقيق عند فيما يتعلق بقوة الشحن، ومن السهل التلاعب فيه بالسرعة أو الزيادة لإضافة عنصر منافسة إضافي بين الشركات المختلفة. فعلى سبيل المثال، تختلف قوة الشحن دومًا عند اللحظة التي يتم فيها توصيل الشاحن بالهاتف بسبب الفقد الناتج عن تحويل الطاقة ودرجة حرارة الهاتف، فقوة الشحن السريع بقوة 100 وات قد تكون فعليًا لا تزيد عن 80 وات أو أقل بالنسبة للهاتف نفسه، ولذلك لا ننصح أبدًا بالمقارنة بين الهواتف على أساس أرقام سرعة شحن البطارية، فتلك المقارنة لن تكون دقيقة.
الأهم في الأمر، أن مستويات الشحن السريع لا تشمل كامل دورة الشحن، بل تعمل فقط لفترة زمنية قصيرة من إجمالي دورة الشحن الكلية، وتحديدًا في بداية الشحن فقط، ففي حالة ما إن كانت البطارية ممتلئة بالفعل حتى الربع، فإن تقنية الشحن السريع قد لا تعمل بنفس المستوى الذي تعمل عليه في حالة ما إن كانت البطارية فارغة تقريبًا.
هوس تقنيات الشحن السريع ... هل كلما زاد الرقم كلما كان الامر أفضل
وقد أثبتت بعض التجارب على تقنية الشحن السريع أن هواتف مثل OnePlus 9 Pro وXiaomi Mi 11 Ultra احتفظت بأعلى مستوى شحن لفترة لم تزد عن أربع إلى خمس دقائق فقط، وهو ما كان كافيًا لشحن البطارية حتى نسبة 20 بالمائة قبل أن تعود مرة أخرى إلى مستويات الشحن المنخفضة أو الطبيعية، بينما هاتفي Oppo Find X5 Pro وSamsung Galaxy S22 Ultra أصحاب سرعة 80 وات و45 وات على التوالي، فاكتفوا بمدة دقيقة واحدة فقط قبل العودة إلى معدلات الشحن العادية.
سعة البطارية وعمرها أهم من سرعة الشحن
لتتمكن الشركات من تقديم تقنيات شحن سريعة مرتفعة، كان لا بد من بعض التضحيات، والتي جاءت مبدئيًا على حساب ارتفاع درجة حرارة الهاتف بسبب التيار المرتفع الذي تتعرض له البطارية وهو ما قد يضر بها بتقليل دورة عمرها الكلية، ولهذا قامت الشركات المختلفة بتحديد الاعتماد على تقنية الشحن السريع لنسبة تصل إلى 80 بالمائة من سعة البطارية بعد مرور 800 دور شحن كاملة، مما يعني أكثر من عامين بقليل في حالة شحن البطارية بشكل كامل يوميًا، وهو ما قد يبدو منطقيًا لمن يقوم بتغيير هاتفه كل عامين، ولكنه ليس مجديًا على الإطلاق في حالة ما إن كنت تخطط للاحتفاظ بالهاتف لما هو أكثر من ذلك.
من ناحية أخرى فإن البطارية المؤهلة للتعامل مع تقنيات الشحن السريع للغاية تتسم بارتفاع سعرها وصغر سعتها مقارنة بحجمها، مما يعني أن الاعتماد على تقنية شحن سريعة مع توفير سعة بطارية كبيرة، يعني ضرورة توفير المساحة الكافية لوضع تلك البطارية وهو ما قد يأتي على حساب عناصر أهم مثل الاعتماد على مستشعر كاميرا أكبر، أو توفير مساحة كافية لنظام تبريد جيد أو قد تضطر لزيادة سمك الهاتف بشكل ملحوظ، ولهذا قد تضطر بعض الشركات لتوفير تقنيات شحن سريع عالية مع الاعتماد على بطارية صغيرة نسبيًا، وبالطبع ما يهم المستخدم بالفعل هو سعة البطارية وعمرها الافتراضي أكثر من شحن البطارية أسرع بحوالي 10 دقائق فقط.
هوس تقنيات الشحن السريع ... هل كلما زاد الرقم كلما كان الامر أفضل
لا تعني تلك الأسباب أن تقنية الشحن السريع ليست من السمات المتميزة للهواتف الذكية الحديثة، فلا يوجد من يريد أن يجلس بجوار هاتفه على مدار ساعات لينتظر اكتمال شحنه، ولكن هل يعني هذا أن تقنية الشحن السريع بقوة 100 وات أو 120 وات أو حتى 240 وات التي كشفت عنها Oppo، قد تكون مجدية بالفعل وقد تأتي دون تضحيات أخرى؟
إن تقنيات الشحن السريع هامة دون شك، ولكنها لا يجب أن تكون من العناصر الرئيسية لاختيارك للهاتف وخاصة عند الحديث عن التقنيات فائقة السرعة، فبالإضافة للأسباب التي ذكرناها هناك العديد من الأسباب الأخرى المؤثرة على تجربة المستخدم مثل ضرورة الاعتماد على شواحن بعينها للاستفادة من تلك التقنية وأيضًا عدم دعمها بنفس السرعة من خلال بدائل الشحن المختلفة الأخرى، بالإضافة لزيادة وارتفاع أسعار الهواتف بسبب الاعتماد على تلك التقنيات.



التعليقات

إكتب تعليقك

إسمك الكريم * بريدك الإلكتروني * اكتب كود الامان *

انشاء كود اخر.